الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأمثلة التي ذكرتها مما لا يطلب فيه اليقين، وإنما يطلب اليقين في معرفة الله -تعالى- والإيمان به، وباليوم الآخر، وبصدق النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من مطالب الإيمان العالية.
قال تعالى: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {البقرة:4}. وقال: لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ {الرعد:2}. وقال: هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ {الجاثية:20}.
وراجع للفائدة، الفتوى: 99547.
ويجب أن توقن بحكمة الله تعالى، ولا يتعارض هذا مع ما ذكرته من التعريفات، فإنك توقن يقينا جازما بحكمة الله وإن لم تظهر لك، أو لم تتبين وجهها، فإذا حصل خلاف ما تظنه الحكمة، رجعت إلى يقينك في الله، وجزمت بأن ما قدره الله هو الحكمة والمصلحة، ولم تَرْتب في ذلك قيد شعرة. وبذلك يحصل الجمع المسؤول عنه.
وعليك أن تعلم أن الخير قد يكون في حصول هذا الشيء الذي يدعو به الشخص، أو في غيره، ولا يعلم الخير والمصلحة إلا الله تعالى.
وقضاؤه كله رحمة وحكمة -سبحانه وبحمده- فعلى العبد أن يدعو موقنا بأن الله سيقدر له الخير.
وعليه أن يحسن الظن بربه ويأخذ بأسباب حصول ما يرجوه، وسواء كان ما حصل هو ما دعا به أو غيره، فعليه أن يعلم أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه، فيرضى ويسلم.
وقد بينا معنى حديث: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. في الفتوى: 387031 وبمراجعتها يزول عنك بإذن الله الإشكال.
والله أعلم.