الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سؤلك هل أنت المتسبب بوفاة والدك أم لا؟ فهذا يرجع فيه إلى الأطباء وليس إلينا. فاذكر لهم ما جرى منكم من سقي والدكم، أو إطعامه في تلك الحال. وهم يحكمون هل كان ذلك الفعل منكم سببا للوفاة أم لا.
وأما هل تحرم من الميراث أم لا؟ فهذا ينبني على كونك متسببا أم لا؟
فإن حكم الأطباء بأنك لست متسببا في الوفاة، فلا إشكال في كونك ترث والدك. وإن حكموا بأنك المتسبب بالوفاة، فيجري في حكم ميراثك منه كلام الفقهاء في القتل الخطأ هل يمنع من الميراث أم لا؟
جاء في الموسوعة الفقهية:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْخَطَأَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْقَاتِل لاَ يَرِثُ. وَلأِنَّ الْقَتْل قَطَعَ الْمُوَالاَةَ، وَهِيَ سَبَبُ الإْرْثِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ خَطَأً، فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنَ الْمَال، وَلاَ يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْمَضْمُونَ بِقِصَاصٍ، أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لاَ إرْثَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ، كَمَنْ قَصَدَ مُوَلِّيَهُ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ سَقْيِ دَوَاءٍ أَوْ رَبْطِ جِرَاحَةٍ فَمَاتَ، فَيَرِثُهُ؛ لأَنَّهُ تَرَتَّبَ عَنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلَعَلَّهُ أَصْوَبُ؛ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ. اهــ.
والله أعلم.