الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ذكر من اتفاق على أن تعطيك زوجتك راتبها على سبيل الوعد، فالوفاء بالوعد مستحب، ولا يجب في قول جمهور الفقهاء، وهو ما نرجحه، كما هو مبين في الفتوى: 17057.
وإن كان على سبيل الشرط، فهذا الشرط يتنافى مع مقتضى العقد، فلا يلزمها الوفاء به، ولا يؤثر على صحة العقد.
قال ابن قدامة في المغني عند الكلام عن أقسام الشروط في النكاح: القسم الثاني: ما يبطل الشرط، ويصح العقد، مثل: أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن ينفق عليها، أو أن أصدقها، رجع عليها ...... أو شرط على المرأة أن تنفق عليه، أو تعطيه شيئا، فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها، لأنها تنافي مقتضى العقد، ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، فلم يصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع، فأما العقد في نفسه فصحيح، لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد، لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به، فلم يبطل. انتهى.
فتبين بهذا أن ما اشترطته عليها ليس بلازم، وأن لها التراجع عنه، ولا يلزمها ما صالحتك عليه؛ فهو مبني على باطل وهو إلزامها بما لا يلزمها، وما بني على باطل، فهو باطل.
وننبه إلى أن الشرع قد أمر الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}. واستغلال الزوج لزوجته بمثل هذا، وأخذه راتبها على النحو المذكور، يتنافى مع هذا التوجيه الرباني.
وليس لك أخذ شيء من مالها إلا ما طابت نفسها به كما قال الله تعالى عن مال الزوجة.. مهراً كان أو مرتباً أو غير ذلك: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4]. والآية الكريمة علقت جواز أخذ مال الزوجة على أن يكون بطيب النفس وهو أبلغ من مجرد الإذن، فإن المرأة قد تتلفظ بالهبة والهدية ونحو ذلك بسبب ضغط الزوج عليها مع عدم رضاها بإعطائه.
وفي الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع المشهورة: ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم.