الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزمك إخبار الزبون بأنك جديد في العمل، إذا كنت تتقن ما يناط بك من المهام، وأما إن كنت لا تتقن المهام المنوطة بك: فلا يجوز لك الإقدام على العلاج، والتصرف في أبدان الناس، وأموالهم، وغير ذلك، بغير علم، بل يلزم أن تعتذر للزبون عن فعل ما لا تتقنه.
فقد ذكر أهل العلم أنه لا يجوز علاج الجاهل بالطب للمريض، وأن من مارس الطب جاهلا بالطب، أو بما مارس منه، أو تكلف اختصاصا ليس له دراية به، أو له به دراية لا تؤهله للقيام بمعالجة مثل هذه الحالة، فهو متعد، وضامن لما يحصل بسببه من الأخطاء؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من تطبب، ولم يعلم منه طب قبل ذلك، فهو ضامن. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن.
وجاء في حديث آخر: أيما طبيب تَطَببَ على قوم، لا يعرف له تَطَببٌ قبل ذلك فأعنت، فهو ضامن. رواه أبو داود، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن.
وجاء في المفاتيح في شرح المصابيح -4 ـ 217: من عالج مريضا، وتعدى في علاجه، فمات المريض، صار ضامنا، والذي تعاطى علما، أو عملا، ولا يعرف ذلك، فهو متعدي، فإذا تولد من فعله الهلاك، فهو ضامن، لا محالة، ولكن يسقط عنه القصاص؛ لأنه ما عالج مستبدا، بل عالج بإذن المريض، فإذا كان مأذونا من عنده، تكون مرتبته مرتبة جناية الخطأ، فلهذا أوجب عامة الفقهاء دية جناية الطبيب على عاقلته... اهـ
والله أعلم.