الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فماذا تقصدين بقولك: لم أستوعب جيدا كيف يكون سجود السهو؟ هل تقصدين أنك تجهلين كيفية سجود السهو، أو حكمه، أو الخلل الذي يوجبه، أو ما يترتب على تركه؟ أم تقصدين أن عندك وسوسة لا تعرفين كيفية التعامل معها؟
على كل نقول لك: إن قطع الصلاة من غير سبب يسوغ قطعها؛ حرام، ويأثم فاعله؛ لما فيه من انتهاك حرمة العبادة، وإبطال العمل، كما سبق بيانه في الفتوى: 28442.
وأيضا نقول لك: إن قطع الصلاة التي وقع فيها خلل، أو إعادتها تهربا من سجود السهو مع كونه غير جائز -كما سترين- لا يسقط طلب سجود السهو بعد ترتبه، فضلا عن كونه مخالفا لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولعمل أصحابه، وتابعيهم.
قال الحطاب في مواهب الجليل: قال في الذخيرة: التقرب إلى الله تعالى بالصلاة المرقعة المجبورة إذا عرض فيها الشك، أولى من الإعراض عن ترقيعها، والشروع في غيرها، والاقتصار عليها أيضا بعد الترقيع أولى من إعادتها، فإنه منهاجه -عليه الصلاة والسلام- ومنهاج أصحابه، والسلف الصالح بعدهم، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.
وقد قال -عليه الصلاة والسلام- لا صلاتين في يوم. فلا ينبغي لأحد الاستظهار على النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلو كان في ذلك خير لنبه عليه، وقرره في الشرع، والله -سبحانه وتعالى- لا يتقرب إليه بمناسبات العقول، وإنما يتقرب إليه بالشرع المنقول. انتهى بلفظه، ونقله الهواري بلفظه، ولكنه قال: إذا عرض له فيها السهو بدل الشك، والكل صحيح، والله أعلم. اهـ
وقال الشيخ محمد عليش في منح الجليل: ولا يكفي عن السجود إعادة الصلاة، فمن ترتب عليه قبلي لا يبطل تركه، أو بعدي، فتركه، وأعاد الصلاة، فلا يسقط عنه، قاله ابن بشير، وقول الذخيرة: ترقيع الصلاة بالسجود أولى من إبطالها، وإعادتها للعمل، حملوا -أوْلى- فيه على الوجوب، أي: يحرم إفسادها، وأما جبرها بالسجود فهو قدرٌ زائدٌ، فهو الذي حُكِم عليه بالسنية، فإن تُرِك، فاتت السنة، ولم تبطل الصلاة، إلا إذا كان عن ثلاث سنن، فتبطل، مراعاة للقول بوجوبه. اهـ.
فالخلاصة أن ما تقومين به من قطع الصلاة من أجل الالتباس فيها، أو إعادتها، غير مشروع، وليس من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا من هدي السلف، ويخشى أن يكون من الوسوسة الشيطانية.
فاحذري من التمادي فيه، وتعلَّمي من أحكام الصلاة ما تعرفين به جبر الخلل فيها -إن حصل-، وأحكام السهو ليست بالمسائل الصعبة التي يعجز الإنسان عن تعلمها، ولا يتسع المقام للتفصيل فيها.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين: 50974، 59384.
والله أعلم.