الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الواجب على كل مسلم التثبت في الأخبار والوقائع، والتحري وعدم مؤاخذة أو محاسبة الناس بالظن والأوهام.
قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ] (الحجرات: 12)
وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ] (الحجرات:6).
والذي وقع من أبيك هو من هذا القبيل وهو التسرع بالظن السيئ، وكان الواجب عليك أن تنبهي أباك أن الخادمة قد دخلت، وأنه لا يجوز اتهام الناس بالظنون ومحاسبتهم وتوبيخهم.
والأحكام التي تتعلق بالقذف يجب على الإنسان معرفتها ومن أهمها: أنه لا يجوز قذف المحصن رجلا كان أو امرأة، والمحصن هو من لم يثبت عليه فعل الفاحشة، فكيف بمن هو ظاهر الصلاح، وقد ذكرت أنهما (السائق والخادمة ظاهرا الصلاح) كما تقولين، فالواجب على أبيك التوبة إلى الله والاعتذار منهما وطلب المسامحة، لأن من شروط التوبة الندم والإقلاع والعزم ورد المظالم، وهذا الاعتذار وطلب المسامحة من رد المظالم، وبما أن السائلة لم تذكر لنا الألفاظ التي حكى لها والدها، فلا نستطيع الحكم عليها بأنها ألفاظ قذف يترتب عليها الحد أو ليست كذلك، وأما سؤاله للسائق ماذا كنت تفعل ونحوه، فليس قذفا إذ هو مجرد سؤال مبني على ظن خاطئ، فهو إذا ليس قذفا يحد عليه؛ وإن كان فيه سوء ظن بمسلم صالح وجرح لشعوره، وهما محرمان تحريما شديدا وإن كانا لا يصلان إلى درجة القذف، والتراجع الفتاوى التالية: 32178، 8191، 17915.
والله أعلم.