الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسابقات بغير عوض مالي، جائزة في الأمور المباحة، لأن «النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر مع عائشة، فسابقته على رجلها، فسبقته. قالت: فلما حملت اللحم، سابقته، فسبقني، فقال: هذه بتلك» رواه أبو داود.
وسابق سلمة بن الأكوع رجلا من الأنصار بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-
وفي يوم ذي قرد. «صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركانة، فصرعه». رواه الترمذي.
وَمَرَّ بقوم يربعون حجرا - يعني يرفعونه ليعرفوا الأشد منهم - فلم ينكر عليهم. وسائر المسابقة يقاس على هذا.
وإلزام الخاسر في الألعاب بعمل تمرين أو نحوه مما لا منفعة فيه لبقية المتسابقين، ليس من قبيل المعاوضة المالية.
وعليه: فإذا كانت اللعبة مباحة، فلا يظهر مانع من اللعب بناء على أن الخاسر سيتمرّن مدة كذا، ولا يكون هذا من عقد المسابقة -إذ لا عوض في هذه الصورة يُعقد عليه أصلا-.
ولا يلزم الخاسر في هذه الصورة فعل التمرين أو غيره؛ لأن هذا الاتفاق من قبيل الوعد وليس عقدا، والوفاء بالوعد غير لازم عند جمهور العلماء.
قال النووي في الأذكار: قد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه، فينبغي أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم.
وذهب جماعة إلى أنه واجب، قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي: أجلُّ من ذهب إلى هذا المذهب عمر بن عبد العزيز.
قال: وذهبت المالكية مذهبا ثالثا أنه إن ارتبط الوعد بسبب كقوله: تزوج ولك كذا، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا، أو نحو ذلك. وجب الوفاء، وإن كان وعدا مطلقا، لم يجب. اهـ.
وراجع للفائدة حول أحكام المسابقات، الفتوى: 26712.
والله أعلم.