الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ أبيك منعك من العمل الذي فيه مصلحتك، ولا ضرر عليه فيه.
جاء في الفروق للقرافي -رحمه الله-: وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ دَفْعَ حَاجَاتِ نَفْسِهِ، أَوْ أَهْلِهِ، بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ تَأَذَّى بِتَرْكِهِ، كَانَ لَهُ مُخَالَفَتُهُمَا، لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ ـ وَكَمَا نَمْنَعُهُ مِنْ إذَايَتِهِمَا، نَمْنَعُهُمَا مِنْ إذايَتِهِ. انتهى.
فتفاهم مع أبيك برفق وأدب، وبيِّن له حاجتك للعمل الجديد، وما فيه من المصلحة لك ولأسرتك، وكلِّم قريبك الذي وسطته قبل ذلك، أو غيره ممن له وجاهة عند أبيك، ويقبل قولهم، ليكلموه في ذلك حتى يرضى.
وإذا لم يرض، وأصر على منعك من الانتقال للعمل الجديد؛ فلا حرج عليك -إن شاء الله- في الانتقال للعمل الجديد، مع الاعتذار له، والحرص على برّه، والإحسان إليه، فإنّ حقّ الوالد عظيم، وبرّه من أفضل الطاعات، وأحبها إلى الله.
فعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.