الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت يقينا أّن بعض الناس مرضى يستحقون المعاش وفق قوانين وأنظمة الدولة، وأنّ القائمين على اللجنة الطبية يتعنتون مع بعض المرضى ويمنعونهم حقّهم في المعاش، فلهم رفع الأمر إلى المسئولين ليرفعوا عنهم هذا الظلم، وإلا فلهم رفع الأمر إلى القضاء ليحكم لهم بما يستحقونه.
أمّا إذا انسدت كل الطرق أمام هؤلاء الناس، ولم يكن لهم طريق إلى الوصول إلى حقهم، إلا بدفع المال للقائمين على اللجنة؛ ففي هذه الحال يجوز لهم دفع المال تخلصا من الظلم وتوصلا إلى الحق.
جاء في النهاية في غريب الحديث والأثر: فأمَّا مَا يُعْطَى تَوصُّلًا إِلَى أخْذِ حَقٍّ، أَوْ دَفْع ظُلْم، فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ، رُوِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أُخِذ بِأَرْضِ الحَبشة فِي شَيْءٍ، فأعْطَى دِينَارَيْنِ حَتَّى خُلّي سَبِيلُهُ، ورُوِي عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ قَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يُصانِع الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ ومالِه إِذَا خَافَ الظُّلْمَ. انتهى.
وما عدا هذه الحال؛ فالأصل أنّه لا يجوز دفع شيء من المال لهؤلاء القائمين على اللجنة الطبية؛ لأنّه غلول، ورشوة محرمة، ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ.
قال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري: وقال ابن التين: هدايا العمال رشوة، وليست بهدية، إذ لولا العمل لم يهد له. انتهى.
وفي سنن أبي داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.
والله أعلم.