الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمهما بلغت ذنوب العبد، فإن رحمة الله -تعالى- أكبر وأوسع، لمن تاب وأناب، وآمن وعمل صالحا، ثم اهتدى.
فأبشر، واجتهد أن تكون من هؤلاء، فالله -تعالى- يقبل توبة عبده من أي ذنب كان، كفرا، أو غيره. فالإسلام بعد الكفر، والتوبة بعد الردة: تهدم ما كان قبلها، قال الله تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وقال -عز من قائل-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}. وقال -عز وجل-: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68- 70}.
وقال الله -تبارك وتعالى- في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وهذه نصوص واضحة في قبول التوبة من الكفر فما دونه، فما عليك إلا أن تُري الله من نفسك خيرا. وتُقبل على طاعته، تائبا منيبا إليه.
وراجع للفائدة، الفتويين: 112696، 118381.
وأما بخصوص المال المسروق ونحوه من حقوق العباد، فالعجز عن أدائه لا يعني منع التوبة، أو عدم صحتها، فإن الله -تعالى- لا يكلف نفسا إلا وسعها، فغاية الأمر أن يفعل السائل ما يستطيع من ذلك. وما عجز عنه لجأ إلى الله -تعالى- في تحمله عنه، وإرضاء خصومه يوم القيامة.
قال الغزالي في كتاب: (منهاج العابدين) في بيان كيفية التوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الناس، إذا كانت في المال: يجب أن ترده عليه، إن أمكنك، فإن عجزت عن ذلك لعدم أو فقر، فتستحل منه. وإن عجزت عن ذلك لغيبة الرجل أو موته، وأمكن التصدق عنه، فافعل، فإن لم يمكن، فعليك بتكثير حسناتك، والرجوع إلى الله تعالى بالتضرع، والابتهال إليه أن يرضيه عنك يوم القيامة. اهـ.
وانظر للفائدة، الفتوى: 319810.
وأما استعمال البطاقة البنكية الربوية، فلا يجوز إلا في حال الضرورة، أو الحاجة الشديدة.
وراجع في ذلك الفتاوى: 395278، 29129، 400318.
والله أعلم.