الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى: 307507، بيان حدود مسؤولية كل من الزوجين تجاه الأولاد.
وأوضحنا فيها أن رعاية شؤون الأولاد في البيت من مسؤولية الزوجة من جهة مطعمهم وملبسهم ونحو ذلك مما تجري به العادة.
وقد نبهنا في هذه الفتوى على أن أساس الحياة الزوجية التعاون بين الزوجين، وهذا من أسس السعادة في هذه الحياة.
وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه سلم المثل في هذا، وهو القدوة للأمة، كما في صحيح البخاري من حديث الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. رواه البخاري.
وفي مسند أحمد عنها -رضي الله عنها- أنها سئلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه.
وعلى كل؛ فإن كانت زوجتك قد ردت عليك بهذا الكلام، فهي مخطئة، ولكن إن لم تكن هذه عادتها أي: الامتناع عن إطعامهم، فما كان ينبغي لك أن توجه لها هذا الانتقاد، فربما يكون استفزها ذلك فقالت لك ما قالت، وحدث منك تجاهها ما حدث، ولذلك ينبغي التريث، والحرص على الكلمة الطيبة؛ منعًا لدخول الشيطان ووقوع الخصام، وقد قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء: 53}.
ولم يكن لك الحق في أخذ هاتفها منها.
وكما سبق وأن بينا أن على الأم رعاية الأولاد في البيت، فلا يلزمك شرعاً بعثهم إلى الحضانة.
ونرجو أن يسود بينكما الاحترام والتفاهم؛ لتبقى الأسرة مستقرة، بعيدة عن أسباب الخصام، والذي قد يترتب عليه الفراق، وتشتت شمل الأسرة.
والله أعلم.