الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في السنة -فيما نعلم- شيء يدل على أنّ ترك الأكل مع الوالدين داخل في برهما، بل إن كانا يحبان أن يأكل الولد معهما كان أكله معهما من البر، ولكن ورد في أخبار بعض التابعين أنه كان لا يؤاكلهما للسبب الذي ذكرت مبالغة في البر.
قال ابن قتيبة -رحمه الله- في عيون الأخبار: قيل لعليّ بن الحسين: إنت من أبرّ الناس، ولا نراك تؤاكل أمّك؛ قال: أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه، فأكون قد عققتها. انتهى.
وفي البر والصلة لابن الجوزي -رحمه الله: فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يُبَالِغُ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ:عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَا يَأْكُلُ مَعَ أُمِّهِ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ آكُلَ مَعَهَا فَتَسْبِقُ عَيْنُهَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ، وَأَنَا لَا أَعْلَمُ بِهِ، فَآكُلَهُ، فَأَكُونُ قَدْ عَقَقْتُهَا.
وراجع الفتوى: 66308.
والله أعلم.