الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي ضوء ما ذكره السائل في سؤاله، فإنه كان على شركته الحالية أن تدفع له مقابل عدد الشهور المتبقية في إقامته عند النقل عليهم. وأن شركته تقر بذلك، ولكنها تريد أن تدفع بالسعر القديم لعام 2016، في حين أن السائل يطالب بالسعر الحالي، أو بتجديد إقامته بمثل المدة نفسها التي كانت متبقية عند النقل عليهم.
والذي يظهر لنا في جواب ذلك: أن المبلغ الذي يجب على الشركة دفعه هو قيمة الرسوم في وقت وجوبها، لا في الوقت الحالي؛ لأن هذا هو الذي ثبت في ذمة الشركة، فيعامل معاملة الديون الثابتة في الذمة. وهذا يتضح بافتراض العكس من أن قيمة الرسوم انخفضت ولم ترتفع، فالواجب على الشركة حينئذ هو القيمة السابقة المرتفعة، لا القيمة الحالية المنخفضة؛ لأن المعتبر في القيمة هو وقت الوجوب، لا وقت الأداء.
قال ابن المنجى في شرح المقنع: أما كونه له القيمة وقت القرض؛ فلأن ذلك حينئذ يثبت في ذمته. فوجب اعتبار القيمة به؛ لأنه وقت الوجوب. اهـ.
وقال ابن قاسم في «حاشية الروض المربع»: وهو وقت ثبوتها في ذمته، لاختلاف القيم في الزمن اليسير بكثرة الرغبة وقلتها. قال أحمد: يقومها كم تساوي يوم أخذها، ثم يعطيه. اهـ.
وأما ما أشار إليه السائل من التضخم وتفاوت القوة الشرائية للعملة، فهذا يحدث في سائر الحقوق والديون الثابتة في الذمة، حتى القرض، فالأصل أنه لا يجب إلا رد مثله ولو تغيرت القوة الشرائية للعملة، ولكن إذا انهارت العملة أو انخفضت قيمتها انخفاضا كبيرا، يحصل به غبن لصاحب الحق أو يلحق ضررا معتبرا، فههنا اختلف أهل العلم: بماذا يقضى الدين، بمثله أم بقيمته؟
ومن رجح مراعاة القيمة، ولم يحصل توافق وتراض بين الطرفين على القيمة، فإن الأمر يرجع إلى القضاء، كما سبق بيانه في الفتوى: 348040.
والله أعلم.