الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنعم، يمكن تشبيه ذلك بالتأمين الإجباري على السيارة؛ فإن المرء كما يمكنه أن يستغني عن امتلاك سيارة بسيارات الأجرة، فكذلك يمكنه أن يستغني عن امتلاك شركة بوظيفة في شركة لغيره.
ومع إمكانية ذلك، فلا يحكم بحرمة امتلاك سيارة، أو شركة، مع إمكان التنقل بسيارة أجرة، أو العمل كأجير في وظيفة. فما كان مباحا، واحتاج إليه المرء، فأجبرته الدولة على عمل التأمين، مع عدم وجود تأمين إسلامي (تكافلي)، فحينئذ يرخص له في التأمين التجاري، ويكون الإثم على من فرضه عليه.
جاء في قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: ناقش المجلس البحث، والأوراق المقدمة إليه في موضوع التأمين، وما يجري عليه العمل في أوربا، واطَّلع على ما صدر عن المجامع الفقهية، والمؤتمرات، والندوات العلمية بهذا الشأن، وانتهى إلى ما يلي: أولاً: مع مراعاة ما ورَد في قرارات بعض المجامع الفقهية من حرمة التأمين التجاري (الذي يقوم على أساس الأقساط الثابتة دون أن يكون للمستأمن الحق في أرباح الشركة، أو التحمل لخسائرها)، ومشروعية التأمين التعاوني (الذي يقوم على أساس التعاون المنظم بين المستأمنين، واختصاصهم بالفائض - إن وجد- مع اقتصار دور الشركة على إدارة محفظة التأمين، واستثمار موجوداتها) ، فإن هناك حالات، وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولاسيما حالة المسلمين في أوروبا حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه؛ لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي (التأمين التكافلي)، وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر، فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية وما يماثلها: (1) حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات، والآليات والمعدات، والعمال، والموظفين (الضمان الاجتماعي، أو التقاعد) ، وبعض حالات التأمين الصحي، أو الدراسي ونحوها ... اهـ.
وراجع في بقية القرار الفتوى: 283162.
والله أعلم.