الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المنتجات الرقمية: إما أن ينتقل ملكها للمشتري، فيكون ذلك بيعا، وإما أن يبقى الملك للبائع، ويكون للمشتري الانتفاع بها لمدة اشتراك معينة، فيكون ذلك إجارة.
وفي حال البيع، فإن بيع شيء موصوف في الذمة لا يملكه البائع، لا يصح إلا سَلَمًا، فيشترط فيه ما يشترط في عقد السلم، ومن ذلك: أن يسلم الثمن كاملا في مجلس العقد. وراجع في تعريف عقد السلم، وبيان شروطه، وأحكامه الفتوى: 11368.
وأما في حال الإجارة، فإجارة المنافع الموصوفة في الذمة صحيحة في الجملة، ولا يشترط لها تعجيل الأجرة في مجلس العقد إذا لم تعقد بلفظ السلم، على الراجح من أقوال أهل العلم التي سبق ذكرها في الفتوى: 135463.
وهذا هو ما اختاره مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي في مسألة تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة، حيث جاء في قراره: يجوز في إجارة المنافع الموصوفة في الذمة تعجيل الأجرة، وتقسيطها، وتأجيلها. اهـ.
وجاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة، والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم (34): يجوز أن تقع الإجارة على منفعة (خدمة) موصوفة في الذمة وصفا منضبطا تدرأ به الجهالة المؤدية إلى النزاع، وحينئذ لا يشترط أن تكون مملوكة للأجير، حيث يتم الاتفاق على أداء الخدمة الموصوفة في الموعد المحدد لذلك، ويراعى في ذلك إمكان تملك الأجير لها، وقدرته على أدائها للمستأجر في الزمن المحدد للتسليم بنفسه، أو بغيره، ولا يشترط فيها تعجيل الأجرة، ما لم تكن بلفظ السلم، أو السلف. اهـ.
وعلى ذلك؛ فهذه الاشتراكات إذا كانت أجرة في إجارة منفعة موصوفة في الذمة، فلا إشكال، وكذلك إذا كانت ثمنا في بيع السلم، وقبض كله في مجلس العقد.
والله أعلم.