الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حفر الآبار، وبناء المساجد ليسا من مصارف الزكاة، ولا يجوز دفع الزكاة فيهما، على قول جمهور أهل العلم، وأما توزيع الزكاة على شكل طرود غذائية: فالأصل أن تخرج زكاة النقود من النقود نفسها، ولا يشترى بها طعام، فإن اشتري بها طعام، فهذا من باب إخراج القيمة في الزكاة، وهو مختلف فيه، وفق ما بيناه مفصلا في الفتوى: 7086 .
وعلى القول بالجواز فلا باس أن يدفع الطعام، لكن لا بد أن يتحرى في من يدفع إليه، فلا تؤدى إلا إلى أحد مصارف الزكاة كالفقراء والمساكين، فإن دُفِعَ إلى غير مصارفها لم يجزئ، ولم تبرأ ذمة صاحب الزكاة.
وأما العمل في الشركة المذكورة: فلا حرج فيه إن وجد المرء عملا مباحا لا يباشر فيه محرما، ولا يعين عليه.
وأما الأخطاء المشار إليها في السؤال، فيُنصَح القائمون على الشركة لتفاديها، وتحري المصارف المستحقة للزكاة، وتجنب الأقوال الشاذة في ذلك، فصرف الزكاة في بناء المساجد ونحوها، على أن ذلك مما يدخل في مصرف في سبيل الله، يكاد يكون قولا شاذا، ولا يجوز في معتمد المذاهب الأربعة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ فِي جِهَاتِ الْخَيْرِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَلاَ تُنْشَأُ بِهَا طَرِيقٌ، وَلاَ يُبْنَى بِهَا مَسْجِدٌ، وَلاَ قَنْطَرَةٌ، وَلاَ تُشَقُّ بِهَا تُرْعَةٌ، وَلاَ يُعْمَل بِهَا سِقَايَةٌ، وَلاَ يُوَسَّعُ بِهَا عَلَى الأْصْنَافِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَقْل خِلاَفٍ عَنْ مُعَيَّنٍ يُعْتَدُّ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ:
الأْوَّل: أَنَّهُ لاَ تَمْلِيكَ فِيهَا؛ لأِنَّ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ لاَ يُمْلَكُ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ فِي الزَّكَاةِ التَّمْلِيكَ.
وَالثَّانِي: الْحَصْرُ الَّذِي فِي الآْيَةِ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ وَنَحْوَهَا لَيْسَتْ مِنَ الأْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ... اهــ.
والله أعلم.