الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذهابكم للشهادة استعدادا لأدائها على أمر لا علم لكم به؛ غير جائز، وكونكم لم تتلفظوا بالشهادة، ولم يطلبها القاضي منكم؛ لا يعفيكم من التبعة، ما دامتم جئتم لذلك، والقاضي أثبتكم كشهود، وأقررتم ذلك. وهذه شهادة باطلة محرمة؛ لأنّ الشهادة لا تكون إلا بما علم الشاهد.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن الشهادة لا تجوز إلا بما علمه؛ بدليل قوله تعالى: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون {الزخرف: 86}، وقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا {الإسراء: 36}.
وتخصيصه لهذه الثلاثة بالسؤال؛ لأن العلم بالفؤاد، وهو يستند إلى السمع والبصر؛ ولأن مدرك الشهادة الرؤية والسماع، وهما بالبصر والسمع، وروي عن ابن عباس، أنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشهادة، قال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد، أو دَع. رواه الخلال. انتهى.
فالواجب عليكم المبادرة بالتوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، وإذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي فيشترط رد الحق له، أو استحلاله منه، فإن كان قد ترتب على شهادتكم إضرار بأحد؛ فالواجب عليكم أن ترجعوا في شهادتكم، وتكذبوا أنفسكم. وتستحلوا الشخص الذي وقع عليه الضرر بشهادتكم.
وأما إن كانت شهادتكم لم تؤثر، ولم يترتب عليها ضرر بأحد، فتكفيكم التوبة فيما بينكم وبين الله. وانظر الفتاوى: 21337، 35267، 65719.
والله أعلم.