الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يجوز للزوج أن يخفي عن زوجته ميعاد سفره، وما يتعلق بخصوصيات حياته، مما ليس فيه تضييع لشيء من حقوقها.
وفي المقابل يجوز لها إخفاء أمورها الخاصة مما لا تعلق له بحق زوجها عليها.
ولكن الحكمة، وحسن العشرة تقتضي عدم كتم كل منهما عن الآخر ما لا ضرر في نشره. حفظا للود، وتنمية للمحبة، وتوطيدا للثقة المتبادلة، وغلقا لمداخل الشيطان.
وقد عقد البخاري في صحيحه: باب المداراة مع النساء.
ولأجل حفظ الود رخص الشرع في كذب كل من الزوجين على الآخر، بما ليس فيه تضييع للحقوق. روى مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا، وينمي خيرا...
ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب، إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأما كذبه لزوجته، وكذبها له، فالمراد به في إظهار الود، والوعد، بما لا يلزم، ونحو ذلك. فأما المخادعة في منع ما عليه، أو عليها، أو أخذ ما ليس له، أو لها، فهو حرام بإجماع المسلمين. انتهى.
وأما معاملة المرأة زوجها بمثل ما يعاملها به، فتمتنع عن الرد على أسئلته، فهذا نوع من الهجر ليس لها أن تعامل زوجها فيه بالمثل. ومن أهل العلم من أجاز لها ذلك، كما بينا في الفتوى: 272023.
وعلى كل، فليس في ذلك مصلحة للمرأة في الغالب، فليس لها أن تفعله، فذلك قد يعقد لها المشكلة، ويكون مدخلا للشيطان، ليوقع بينهما الشقاق، وبالتالي الفراق، فتتشتت الأسرة، ويضيع الأبناء. وننصح بأن يتحرى الزوجان الحكمة، ويكون من شأنهما التروي، والحرص على التفاهم بينهما، في إطار الاحترام المتبادل بينهما؛ لتستقر الأسرة، وتدوم العشرة، وليكونا أبعد من أسباب الخصومة، والشقاق، وبالتالي الفراق.
واستقرار الأسرة من أهم مقاصد الشرع من الزواج، قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا {الأعراف: 189}.
والله أعلم.