الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا احتاجت المسلمة إلى الدواء ولم تجد طبيبة مسلمة فلا حرج عليها في الذهاب إلى الطبيبة الكافرة. قال السفاريني في غذاء الألباب: مطلب: لا يكره استطباب أهل الذمة للضرورة، (لا) يكره استطباب أهل الذمة (ضرورة) أي لأجل الضرورة، لأن الحاجة داعية إليه، ولأن إدخال الضرر من استطبابه متوهم والعلة معلومة، فلا يمتنع من اتخاذ ما يزيل المعلوم من الضرر بخوف إدخال ضرر متوهم. قال شيخ الإسلام: إذا كان اليهودي أو النصراني خبيرا بالطب ثقة عند الإنسان جاز له أن يستطبه كما يجوز أن يودعه المال وأن يعامله، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستطب الحارث بن كلدة وكان كافرا، وإذا أمكنه أن يستطب مسلما فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله فلا ينبغي أن يعدل عنه، وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكتابي واستطبابه فله ذلك ولم يكن من ولاية اليهود والنصارى المنهي عنها، وليس الكتابي بقيد فالمجوسي كذلك، والله أعلم.
ولكن إذا أمرتها بترك الصوم أو قطع الحمل بالكلية ونحو ذلك، مما فيه مخالفة شرعية، فلا تأخذ بقولها، بل لا بد من التأني والتحقق في هذا الأمر، لأنه خبر لزم منه فعل محرم أو ترك واجب شرعي، والكافر غير ثقة فيما يخبر به، فلزم التحري قال محمد بن مفلح المقدسي في الآداب الشرعية: قال المروذي: أدخلت على أبي عبد الله رحمه الله نصرانيا فجعل يصف وأبو عبد الله يكتب ما وصفه، ثم أمرني فاشتريت له قال القاضي: إنما يرجع إلى قوله في الدواء المباح فإن كان موافقا للداء فقد حصل المقصود وإن لم يوافق فلا حرج في تناوله، وهذا بخلاف ما لو أشار بالفطر في الصوم والصلاة جالسا ونحو ذلك، لأنه خبر تعلق بالدين، فلا يقبل. انتهى.
وعليه، فإن تيقن أن الكي المذكور يسبب عدم الإنجاب بالكلية، فلا تقدمي عليه بناء على خبر الطبيبة الكافرة،بل لا بد من الرجوع إلى طبيب مسلم ثقة، فإن أخبر بأن هذا الداء لا يزول إلا بالكي المذكور فلا حرج عليك في الإقدام عليه حينئذ، ولو تسبب في منع الحمل بالكلية.
والله أعلم.