الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب أن ننبه في البدء على أن ما حدث لك مع هذا الشاب خير دليل على خطورة التساهل في التعامل بين الرجل والمرأة الأجنبيين، وأنه مدخل للشيطان، وباب للغواية، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{النور: 21}. وما قمت به مع هذا الشاب ليس من الزنا الحقيقي الموجب للحد، ولكنه منكر لا يجوز، ووسيلة للزنا الحقيقي.
ومن نعمة الله عليك، أن وفقك لاستدراك الأمر، وندمك على ما فعلت، والتوبة إلى الله عز وجل، ومن تاب، تاب الله عليه، وغفر له ذنوبه، كما وعد بذلك في محكم كتابه، حيث قال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}، وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب، تاب الله عليه. فأحسني الظن بربك، واجتهدي في تناسي ما مضى، وإحسان العمل في المستقبل. والأوبة إلى الله بعد التوبة، والتوفيق للطاعات من أعظم ما يدل على قبول التوبة، ومغفرة الذنب، وراجعي للمزيد الفتويين 5646، 121330.
ولا يلزم أن يكون ما تشعرين به من هم، وضيق بسبب هذا الذنب، بل قد يكون هذا مجرد ابتلاء، فإذا صبرت على ذلك كان سببا لتكفير السيئات، ورفعة الدرجات، فعليك بالصبر، وانظري للمزيد من فضائله الفتوى 18103. وعليك بالإكثار من ذكر الله، فإن في الذكر طمأنينة للقلب، وسكينة للنفس، وكذلك الإكثار من الدعاء، وانظري الفتويين 70670، و 221788، ففيهما من الأذكار، والأدعية ما يناسب حالك.
والزواج من الرزق، سيأتيك ما كتب الله لك منه، فعليك باتخاذ الأسباب، كالدعاء، وسؤال الله -تبارك وتعالى- أن يرزقك الزوج الصالح، وكذلك الاستعانة ببعض أقربائك، وأخواتك الصالحات؛ ليكونوا عونا لك في هذا السبيل، والمرأة يجوز لها شرعا البحث عن الرجل الصالح؛ للزواج منها، بل وعرض نفسها عليه، مع مراعاة الضوابط الشرعية في التعامل مع الأجنبي، وسبق بيان ذلك في الفتوى 18430. وما ذكرت من التشويه لا يمنع من الزواج، خاصة وأنه قد أصبح تشويها بسيطا -كما ذكرت- وقد تعلمين أن هنالك من النساء من تكون في إعاقة، أو تكون أكثر تشويها منك، ومع ذلك يسر الله لها الزواج، فاستعيني بالله -تعالى-، وأَمِّلي خيرا.
وما ذكرت من كون علاقتك سيئة مع أمك، فعليك بالاجتهاد في سبيل إصلاحها، بالبحث عن الأسباب، والعمل على معالجتها، وكذلك بالحرص على برها، والإحسان إليها، فإن هذا قد يعين في الإصلاح، ويمكنك الاستعانة ببعض المقربين إليها؛ ليبذلوا لها النصح، ويصلحوا الحال بينك وبينها. وكوني على حذر من أن يصدر منك ما يؤدي للعقوق، بالإساءة إليها، بأي قول، أو فعل، صغيرا كان أم كبيرا، وراجعي الفتوى 299953.
والله أعلم.