الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة الشباب ذكورا وإناثا بعيدا عن أهليهم، وخاصة في البلاد غير الإسلامية، مع ضعف الوازع الديني تنطوي على كثير من المخاطر على الدين والأخلاق، ولذلك يشترط في جواز الإقامة في اللاد غير الإسلامية هو أن يأمن المسلم الفتنة في دينه، وأن يقدر على إقامة شعائر دينه، وراجع الفتوى: 311917.
ومن شؤم الإقامة ذلك؛ وقعتما في فاحشة الزنا، وهو من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، وهو شر سبيل، وأخبث طريق، ولذلك نهى الله تعالى عن مقاربته، ومخالطة أسبابه، ودواعيه، وجاءت الشريعة بسد الذرائع المفضية إلى تلك الفاحشة، كالخلوة، والاختلاط المريب، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإ سراء: 32}.
قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره: يقول تعالى ناهيا عباده عن الزنا، وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه، ودواعيه: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ـ أي: ذنبا عظيما: وساء سبيلا ـ أي: وبئس طريقا، ومسلكا. انتهى.
ومن وقع في هذه الفاحشة لم يحل له الزواج بمن زنا بها؛ إلا بعد استبرائها، وتوبتها من الزنا.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا زنت المرأة، لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها، إلا بشرطين؛ أحدهما: انقضاء عدتها.......والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا. انتهى مختصرا.
ولا يصحّ تزويج المرأة دون ولي، فزواج المرأة دون ولي؛ باطل، وراجع الفتوى: 280042
والواجب عليك؛ مفارقة هذه الفتاة فورا، والمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى؛ والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل منك من تفريط، وتعد لحدود الله، والعزم على عدم العود، ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، فإن تبت إلى الله، وتابت الفتاة توبة صادقة؛ فلك أن تتزوجها عن طريق وليها، وإلى أن يتيسر لك الزواج؛ فعليك أن تصبر، وتستعف؛ بكثرة الصوم، مع حفظ السمع والبصر، والبعد عن مواطن الفتن، واجتناب ما يثير الشهوة، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، مع الاستعانة بالله عز وجل، والاعتصام به، وكثرة الذكر، والدعاء، وراجع الفتوى: 23231
والله أعلم.