الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسبب النهي عن بيع ما لا يملك أنه من جملة بيوع الغرر.
قال المزني في مختصره: ومن بيوع الغرر عندنا: بيع ما ليس عندك. اهـ.
وقال الخطابي معالم السنن: إنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده الآبق أو جمله الشارد، ويدخل في ذلك كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفاً على إجازة المالك؛ لأنه يبيع ما ليس عنده ولا في ملكه، وهو غرر؛ لأنه لا يدري هل يجيزه صاحبه أم لا. اهـ.
وقال ابن بطال في «شرح صحيح البخاري»: قال ابن المنذر: وبيع ما ليس عندك يحتمل معنيين: يحتمل أن يقول: أبيعك عبدًا لي أو دارًا مغيبة عني في وقت البيع، فلعل الدار أن تتلف أو لا يرضاها، وهذا يشبه بيع الغرر.
ويحتمل أن يقول: أبيعك هذه الدار بكذا، على أن أشتريها لك من صاحبها، أو على أن يسلمها لك صاحبها، وهذا مفسوخ على كل حال؛ لأنه غرر، إذ قد يجوز أن لا يقدر على تلك السلعة، أو لا يسلمها إليه مالكها. اهـ.
وقال ابن القيم في «تهذيب سنن أبي داود»: أما قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا تبع ما ليس عندك» فمطابق لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر؛ لأنه إذا باع ما ليس عنده، فليس على ثقة من حصوله، بل قد يحصل له، وقد لا يحصل، فيكون غررًا، كبيع الآبق، والشارد، والطير في الهواء، وما تحمل ناقته ونحوه. اهـ.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى: 119712.
والله أعلم.