الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رغبت المرأة في الزواج من كفء لها؛ فلا حقّ للولي في منعها من تزوجه، وإذا منعها؛ كان عاضلا لها.
قال النووي -رحمه الله- في منهاج الطالبين: وإنما يحصل العضل إذا دعت بالغة عاقلة إلى كفء وامتنع. انتهى.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها، إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. انتهى.
وفي حال ثبوت العضل من الولي، فبعض أهل العلم يرى انتقال الولاية إلى من بعده من الأولياء.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. انتهى
لكن بعض أهل العلم يفسرون العضل بمنع المرأة من الزواج بكفئها تعنتا، وإضرارًا بها، أما إذا منعها الولي لمسوّغ، فلا يعد عاضلًا، ولو كان الخاطب كفؤا.
جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: عن ابن عبد السلام: إن أبى ولي إنكاح وليته، وأبدى وجها قُبل، وإلا أمره السلطان بإنكاحها، فإن أبى، زوجها عليه. انتهى.
والغالب أن الأب يكون حريصًا على مصالح ابنته في النكاح، وغيره؛ لما له من الخبرة، والدراية، مع ما فطره الله عليه من الشفقة عليها.
فالذي ننصح به أن تتفاهم المرأة مع أبيها، أو توسط من يكلمه من الأقارب، أو غيرهم، ممن له وجاهة عنده، فإن رضي بزواجك منها، فهذا خير، وإن أبى؛ فلا نرى لها الزواج عن طريق غيره، وإذا كان عليها ضرر في ترك زواجك؛ فلها أن ترفع الأمر إلى القضاء المختص، لينظر في تحقق العضل، أو عدمه، وإذا ثبت العضل أمر وليها بتزويجها، أو زوجها.
والله أعلم.