الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو الدين وحده، وانظري الفتوى: 19166
لكن اعتبار التقارب بين الزوجين في الأمور الأخرى، أمر مطلوب، فهو أدعى لتقارب الطباع بين الزوجين، ويسر التفاهم، واستقامة الحال بينهما.
أمّا التفاوت اليسير في الجوانب الاجتماعية أو المالية، ونحوها؛ فلا ينبغي أن يكون مانعًا من القبول.
وإذا تقدمّ للمرأة كفؤها، ورضيت به؛ فلا حق لوليها في منعها من زواجه.
وإذا منعها من زواجه تَعَنُّتًا كان عاضِلًا لها، ومن حقها حينئذ رفع الأمر للقاضي؛ ليزوجها، أو يأمر وليّها بتزويجها. وانظري الفتوى: 309898
لكن ننبه إلى أنّ الأب في الغالب أحرص الناس على اختيار الزوج الصالح لابنته، وتحصيل مصالحها في الزواج وغيره؛ لما له من الخبرة والدراية، مع ما فطره الله عليه من الشفقة عليها.
فالذي نوصيك به أن تجتهدي في إقناع والدك بقبول هذا الخاطب، وتستعيني على ذلك ببعض العقلاء من الأقارب، أو غيرهم من أهل الدين والمروءة، ممن يقبل أبوك قولهم.
فإن أصرَّ والدك على رفض هذا الخاطب، فالأولى أن تنصرفي عنه، وتستعيني بالله -تعالى-، وتكثري من دعائه؛ فإنّه قريب مجيب، ولعل الله يعوضك خيرا منه، إلا إذا كان عليك ضرر في ترك الزواج منه، فلك أن تتزوجي عن طريق من له ولاية تزويجك بعد أبيك؛ كأخيك، أو عمّك، حسب الترتيب الذي بيناه في الفتوى: 32427
وعلى أية حال؛ فإنّ عليك برّ أبيك؛ فحقه عليك عظيم، ومعاملة الوالد تكون بالأدب والتوقير والتواضع وإلانة الكلام، ولا يجوز رفع الصوت عليه، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23- 24}.
والله أعلم.