الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن من اشترى شيئًا بمال حرام، فإن الحرمة لا تتعلق بما استهلك فيه المال، بل تتعلق بذمة المشتري.
جاء في التاج والإكليل: قال ابن أبي زيد من قول مالك: وأهل المدينة أن من بيده مال حرام فاشترى به دارًا، أو ثوبًا من غير أن يكره على البيع أحدًا، فلا بأس أن تشتري أنت تلك الدار أو الثوب من الذي اشتراه بالمال الحرام. قال ابن رشد: ووجه هذا أن الحرام ترتب في ذمة البائع... ونحو هذا هو المروي عن ابن مسعود إذ قال: لك المهنأ، وعلى غيرك المأثم. وقد قال في المدونة: من أودعته دنانير، فاشترى بها سلعة، فليس لك في السلعة شيء، إنما تتبعه بدنانيرك. اهـ.
وعليه؛ فلا بأس بالانتفاع بذلك الطعام، ولا يترك للفساد، للنهي عن إضاعة المال، ففي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
ومعنى إضاعة المال كما قال الزرقاني والمناوي: صرف المال في غير وجوهه الشرعية، وتعريضه للتلف؛ لأن ذلك إفساد، والله لا يحب المفسدين. اهـ.
والله أعلم.