الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف حيث قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً] (الأحقاف: 15). وقال تعالى: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً] (لقمان: 15). وفي الحديث المتفق عليه أن عبد الله بن مسعود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. ثم لتعلم أنك وقعت في معصية شنيعة من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. فهذا في حق من كان سببا في سب والديه أو أحدهما فكيف بمن باشر سبهما والعياذ بالله تعالى. فالواجب عليك أن تبادر إلى التوبة الصادقة وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة وابذ ل جهدك في استرضاء أبيك، ولا يجب عليك إعطاؤه المبلغ المذكور، بل عليك البحث عن من يثق فيه الأب من صديق خاص له أو إمام مسجد ونحوهما حتى يتم إقناعه بالتنازل عن شرطه المذكور، وإن رضيت أنت بإعطاء مبلغ له تطوعا منك وسعيا في مرضاته فهوعمل طيب تثاب عليه إن شاء الله، ثم عليك بالتعامل مع إخوتك حفاظا على بقاء المودة بينكم ولا ينبغي أن يكون المال سببا للتنافر والعداوة بينكم، فإنه ظل زائل ولا يساوي شيئا بالمقارنة مع ما بين الإخوة من رحم وصلة . فعليك بإنظار المعسر منهم حتى يقدر على الوفاء بالدين لقوله تعالى:[وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ٍ](البقرة: 280) كما يستحسن في حقك أن تضع من دينك عن من لا يستطيع من الإخوة الأداء لما في ذلك من الثواب الجزيل لقوله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه رواه. مسلم. وننبه على أنه من الواجب على أبيك العدل في معاملة أولاده لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فاتقوا الله واعدلو بين أولادكم ) متفق عليه. وعليه فالغرامة المالية المذكورة لا تجب عليك، بل إن طابت نفسك بإعطاء أبيك بعض مالك تطييبا لخاطره فهذا عمل طيب تثاب عليه إن شاء الله تعالى. والله أعلم