الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت حلفت بالله -تعالى- كاذبا متعمدا؛ فهذه يمين غموس، وهي من كبائر الذنوب، والواجب عليك التوبة إلى الله -جل وعلا- منها، بالندم على ما فعلت، والإقلاع، والعزم على عدم العودة إليه.
وأما عن الكفارة: فإن اليمين الغموس لا تجب فيها كفارةٌ عند جماهير العلماء، وذهب الشافعي -رحمه الله- إلى وجوب الكفارة، وهي رواية عند الحنابلة.
قال ابن هبيرة -رحمه الله- في اختلاف الأئمة العلماء: اختلفوا في اليمين المغموس، هل لها كفارة؟ فقال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في إحدى روايتيه: لا كفارة لها؛ لأنها أعظم من أن تكفر، وقال الشافعي، وأحمد في الرواية الأخرى: تكفر، واليمين الغموس: هي الحلف بالله على أمرٍ ماضٍ متعمد الكذب فيه. انتهى.
وإذا تبت إلى الله توبة صحيحة؛ فأبشر بعفو الله، ومغفرته، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر 53}.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله: يا ابن آدم، إِنَّكَ ما دَعَوْتَني، ورَجَوْتَني: غفرتُ لك على ما كانَ مِنكَ، ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لو بلغتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السماءِ، ثم استَغْفَرتَني: غَفَرْتُ لك، ولا أُبالي، يا ابنَ آدم إِنَّكَ لو أتيتني بِقُرابِ الأرض خَطَايا، ثم لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئا: لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَة. أخرجه الترمذي.
وإن أردت الاحتياط بإخراج كفارة يمين؛ فهذا حسن.
والله أعلم.