الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن التيمم لا يجوز، إلا لمن لم يجد الماءَ، أو عجزَ عن استعماله، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا {النساء:43}.
فالواجب الاغتسال من الجنابة، ولا يجزئ التيمم مع القدرة على استعمال الماء، فإذا كان الجنُب يتأذى باستعمال البارد، قام بتسخينه، أو اغتسل في مكان دافئ، وكلما غسل عضوًا ستره، وهكذا.
قال ابن قدامة في المغني: وإن خاف من شدة البرد، وأمكنه أن يسخن الماء، أو يستعمله على وجه يأمن الضرر، مثل أن يغسل عضوًا عضوًا، وكلما غسل شيئًا ستره، لزمه ذلك، وإن لم يقدر، تيمم، وصلى في قول أكثر أهل العلم. اهـ.
فإذا كان الجُنُب لا يستطيع استعمال الماء إلا بتسخينه، لكنه لو قام بتسخينه تأخر عن عمله تأخرًا يضرّ به ضررًا معتبرًا شرعًا، فالظاهر أنه يباح له التيمم في هذه الحالة.
فقد نص الفقهاء جواز التيمم لمن خاف أن يلحقه الضرر بفوات الرفقة لو تأخر في استعمال الماء، وهذه مثل ذلك. ويمكن مراجعة الفتوى: 70014 وهي بعنوان "حكم من أجنب، ولكونه يريد اللحاق بعمله لا يستطيع الغسل".
مع التنبيه على أنه يكره الإقدام على التسبب في الجنابة في حق عادم الماء، إلا إذا حصل طول ينشأ ضرر بترك الجماع.
جاء في منح الجليل للشيخ محمد عليش المالكي: (ومُنِع) بضمٍّ فكسرٌ أي: كُرِه بهذا فسر ابن رشد قولها -المُدونة- بمنعِ وطء المسافر وتقبيله، لعدم ماء يكفيهما الرماصيُّ وهو المعتمد (مع عدم ماء) كاف (تقبيل) شخص (متوضئ)، وكذا غيره من النواقض، (وجماعُ مغتسل) ولو متيممًا للأصغر، لأنه ينتقل منه للتيمم للأكبر، (إلا لطول) ينشأ عنه ضرر بترك نقض المتوضئ، وجماع المغتسل، فيجوز النقض، والجماع. اهـ.
والله أعلم.