الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتركة هذا المتوفى رحمه الله تقسم على النحو التالي: للزوجة منها الثمن، قال تعالى: [فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تركتم] (النساء: 12).
والباقي بين الأولاد للذكر منه سهمان وللأنثى سهم، قال تعالى: [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] (النساء: 11).
ويقسم المال بهذه النسب حق لكل واحد من الورثة، لا يعدل عنه إلا بتراضيهم، ولهم أن يتبعوا في كيفية تقسيم التركة واحدة من طرق ثلاث:
الأولى: أن يبقى المال مشتركا بينهم ويستغلونه بالتناوب أو يؤجرونه ويقتسمون ريعه كل مدة، وهذه هي قسمة المهايأة.
والثانية: أن يتراضوا على أن يأخذ كل واحد شيئا معينا بحصته، وليس يشترط في في هذه أن يكون الشيء المأخوذ متناسبا مع حصةآخذه، وهي قسمة المراضاة.
والثالثة: أن يميز لكل وارث حقه بالاقتراع، وهي المسماة بقسمة القرعة.
قال خليل مبينا الأنواع الثلاثة: القسمة تهايؤ في زمن كخدمة عبد شهرا وسكنى دار كالإجارة.. ومراضاة فكالبيع، وقرعة وهي تمييز حق.
وحرمان النساء من الإرث عادة جاهلية ومنكر لا يجوز البقاء عليه، وعليه، فإذا كانت البنت المذكورة راضية بترك نصيبها من ريع المنزل لأخويها وهي بالغة عاقلة رشيدة فإن لها ذلك، وإن كانت إنما تسكت عنه حياء وعفة أو كانت غير بالغة رشيدة، فإن حقها في كل ما تركه أبوها ثابت ولا يبطله التقادم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.