الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنحن لا نستطيع الجزم بحكم الاستثمار في هذه الشركة بخصوصها.
ولكن نقول على وجه الإجمال والعموم: إن الشركات التي تعمل في تجارة مباحة، وتضبط علاقتها بمستثمريها على وفق عقد المضاربة الشرعية، لا حرج في الاستثمار معها.
والمضاربة الشرعية عقد بين طرفين، أحدهما يقدم مالًا، والآخر يتَّجر فيه، على أن يكون للعامل جزء شائع من الربح، يتفق عليه سلفا مع رب المال، فيكون صاحب المال مشاركاً بماله، والمضارب بعمله. وإذا حصلت خسارة خسر كل منهما ما شارك به، فرب المال يخسر ماله، والعامل (المضارب) يخسر جهده.
ومن شروط صحة المضاربة ألا يكون ربح المستثمر نسبة من رأس المال، بل نسبة مشاعة من الربح.
وراجعي في ذلك، وفي بيان بقية شروط صحة المضاربة الفتاوى: 70438، 280756، 206356.
ومما يلفت النظر فيما ذكرته السائلة، قولها: (عند التسجيل تطلب الشركة رسوما بقيمة1% تذهب لعمال الشركة).
وهذا لا نعلم له وجها شرعيا، بل فيه نوع من أكل المال بالباطل. وفيه إشكال آخر وهو: جعل دراهم معلومة للمضارب مع ما يأخذه من الربح، وهذا لا يصح، ويفسد المضاربة.
قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. اهـ.
وقال ابن قدامة في «المغني»: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة. اهـ.
وانظري الفتوى: 482692.
وعلى أية حال، فإنا ننبه السائلة إلى أن شركات الاحتيال والسرقة قد كثرت وانتشرت.
ومن علاماتها الربح الكثير في المدة الوجيزة، وتعتمد في ذلك على رسوم التسجيل، والأموال المتدفقة من خلال المستثمرين الجدد، فتدفع منها الأرباح الوهمية للمستثمرين السابقين الذين ينبهرون بسرعة الربح وكثرته، فينشطون تلقائيا في الدعاية لهذه الشركات، فيبقى تدفق الاستثمار مستمرا، ولا يظهر خداع الشركة إلا عند فقد المستثمرين الجدد.
والله أعلم.