الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عذاب القبر ثابت وقوعه قبل يوم الحساب، ولا رابطة بينه وبين الحساب، فإن من كان أهلا لعذاب القبر يعذب فيه، ثم يناله ما كتب له في الآخرة، كما قال الطحاوي.
ومن أصرح ما يدل على ذلك قول الله تعالى: في شأن آل فرعون: [وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ] (غافر: 45-46).
وقد سبقت منا عدة فتاوى في أدلة عذاب القبر وكلام أهل العلم في ذلك فلتراجع منها الفتاوى التي تحت الأرقام التالية: 2112، 4314، 17286.
وبهذا يعلم أن عذاب القبر ليس معلقا على حساب الناس يوم الحساب، وأنه لا إشكال في وقوع عذاب القبر قبل الحساب أي في البرزخ وقبل قيام الساعة.
فقد قامت الأدلة على وقوع عذاب القبر قبل الحساب.
ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة.
وفي البخاري أن الكافر عندما يقول لا أدري، يقال له: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد.
وينبغي أن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق في كل ما يقوله، لقول الله تعالى فيه:[ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (النجم: 3-4)].
والله تعالى يطلعه على ما شاء من المغيبات، كما قال تعالى: [عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ] (الجن: 26-27).
والله أعلم.