الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن فرض غرامة التأخير على سداد الديون محرم، ولو كانت الغرامة ستعطى للفقراء، أو كانت الغرامة مبلغًا ثابتًا، وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي، وغيره من المجامع العلمية.
والقول بجواز تغريم المتأخر في السداد عقوبة له، لا يُعرف عن أحد من الفقهاء السابقين.
قال الدكتور رفيق المصري كما في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: أما التأخر في سداد الأقساط، فلا نعلم عند الفقهاء السابقين أن أحدًا منهم أجاز فيه تغريم المتأخر بغرامة مالية، أو معاقبته بعقوبة مالية.
وأما الاستدلال بالحديث؛ فلا يصح، فالحديث وارد في الغني المماطل، وكثير من المتأخرين عن السداد عاجزون، ثم إن العقوبة المقصودة في الحديث: هي الحبس، والذي يتولى عقوبة المماطل القضاء، وليس الدائن، وانظر الفتوى: 97207.
وإذا كان المتأخر عن سداد الدين مماطلًا، فتجوز مقاضاته، لإلزامه بالسداد، ويجوز كذلك تحميله أجور المقاضاة والمحامي، ونحو ذلك.
وراجع التفصيل في الفتاوى: 134564
وأما مقولة: (إذا توسطت السلعة؛ فلا ربا)، فلا نعلمها قاعدة فقهية عند الفقهاء السابقين، وإنما هي عبارة يذكرها بعض المعاصرين.
ومجرد توسط السلعة، لا يكفي لانتفاء الربا عن المعاملة، بل لا بد من توافر الضوابط الشرعية في المعاملة حتى تكون جائزة.
ومن المعلوم أن بيع العينة تتوسط فيه السلعة، ومع ذلك فهو معاملة ربوية عند جمهور العلماء، وانظر الفتوى: 67071.
وبعد هذا: فالشركة إن كان غالب نشاطها مباحًا: فلا حرج عليك في العمل بخدمة العملاء في إسقاط غرامات التأخير عنهم، ونحو ذلك مما ليس فيه مباشرة لفرض غرامات التأخير المحرمة أو تحصيلها أو نحو ذلك من الأعمال المحرمة. وانظر الفتويين: 424318، 387499.
والله أعلم.