الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا: إن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع وإدراك حقيقة الدعاوى والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما يتلقاه من المستفتي، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه.
وبناء على ما ذكر في السؤال، فليس لأخيكم الحق في الاستئثار بالمحصول كله ولا بثمنه، بحجة أنه وحده من سقى الأرض، وإنما له الحق في الأجرة المتفق عليها إن كان هناك أجرة تم الاتفاق عليها أو يكون له أجرة المثل إذا لم تتفقوا على أجرة له.
وقد بينا في فتاوى سابقة أن العامل يستحق أجرة المثل عند فساد المساقاة، وأن الثمرة تكون لرب الأرض ــ وهم الورثة في حالتكم ــ كما في الفتوى: 117390.
وقال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: (وَمَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ (فَالزَّرْعُ) لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْعَامِلِ (وَالثَّمَرُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الْبَذْرِ أَوْ الشَّجَرِ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) لِلْعَامِلِ؛؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ. اهــ.
فالواجب على أخيكم أن يتقي الله تعالى، ويرد للورثة حقهم من ذلك المحصول.
فإن امتنع فأنتم مخيرون بين العفو عنه -وذلك أفضل- وبين المطالبة بحقكم ورفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لِتُنصفكم.
والله أعلم.