الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جدتك -أمّ أبيك- أرضعت ابن أخيها رضاعا يحصل به التحريم؛ فقد صار ابنا لها من الرضاعة، وصار أولادها إخوة له من الرضاعة؛ فيكون عمّا لك من الرضاعة تحرمين عليه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن المرأة، إذا حملت من رجل، وثاب لها لبن، فأرضعت به طفلا رضاعا محرما، صار الطفل المرتضع ابنا للمرضعة، بغير خلاف، وصار -أيضا- ابنا لمن ينسب الحمل إليه، فصار في التحريم، وإباحة الخلوة ابنا لهما، وأولاده من البنين، والبنات أولاد أولادهما، وإن نزلت درجتهم، وجميع أولاد المرضعة من زوجها، ومن غيره، وجميع أولاد الرجل الذي انتسب الحمل إليه من المرضعة، ومن غيرها، إخوة المرتضع، وأخواته، وأولاد أولادها، أولاد إخوته، وأخواته، وإن نزلت درجتهم. انتهى.
والرضاع الذي يحصل به التحريم؛ يكون في مدة السنتين قبل الفطام، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا ثبت هذا، فإن من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين. وهذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
والراجح عندنا اشتراط خمس رضعات متفرقات، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة في الصحيح من المذهب، وذهب أبو حنيفة، ومالك، وكثير من أهل العلم إلى التحريم بالرضاع، ولو مرة واحدة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: المسألة الأولى، أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات، فصاعدا. هذا الصحيح في المذهب. وروي هذا عن عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء، وطاووس. وهو قول الشافعي. وعن أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع، وكثيره يحرم. وروي ذلك عن علي، وابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، ومكحول، والزهري، وقتادة، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث، وأصحاب الرأي. انتهى.
والله أعلم.