الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذهب المتبقي هو ملك لمن يملك تلك الأحجار المطحونة، ولا يجوز أخذ شيء منه -ولو كان يسيرا- إلا بإذن مالكه، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع في أيام التشريق: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه، وذلك لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم. رواه ابن حبان.
فإذا كانت الأحجار ملكا للشركة نفسها فالأمر واضح، وكذلك إذا كانت لمالك معين جاء بأحجاره لطحنها في الشركة، فهذا المتبقي له، فيرد إليه، أو يستأذن في أخذه.
وأما إذا كانت لملَّاك متعددين جاؤوا بأحجارهم إلى الشركة لطحنها، وتعاقب هؤلاء في الطحن، وبقي من كل واحد منهم ما يتعذر أخذه، لعدم خروجه من آلة الطحن، فهذا القدر مما جرى العرف بعفو مالكه عنه، ومسامحته فيه، خاصة وأن هذا القدر ينتقل من طحنة إلى طحنة، كما قال ابن الحاج في المدخل: لا بد وأن يبقى شيء مما طحن قبل طحينه تحت الحجر فيختلط بطحينه. اهـ.
وإذا كان الحال كذلك، فهذا القدر المتبقي، والذي يمكن أخذه عند القيام بصيانة المطاحن، يكون للشركة نفسها أخذه، ولا يأخذه العاملون في الشركة إلا بإذنها؛ لأنهم وكلاء مؤتمنون على ما تحت أيديهم.
والله أعلم.