الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الوعيد في شأن من ترك صلاة الجمعة متعمدا، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها، طبع الله على قلبه. رواه أبوداود، والترمذي، وغيرهما، وصححه كثير من أهل العلم، ورواه ابن خزيمة في صحيحه بلفظ: مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ. وَفِي رواية له: فَهُوَ مُنَافِقٌ.
وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (تهاوناً بها)، قيل: المراد بالتهاون الترك من غير عذر، فيكون مفعولاً مطلقاً. اهـ.
فإذا كنت قد نمتَ قبل دخول وقت صلاة الجمعة، ولم تستيقظ، إلا بعد فواتها، فلا إثم عليك؛ فإن النوم قبل دخول الوقت جائز؛ لعدم الخطاب بها حينئذ، كما سبق تفصيله في الفتوى: 168907.
مع التنبيه على أن بعض أهل العلم قالوا بوجوب الأخذ بأسباب الاستيقاظ؛ من ضبط منبه، أو توكيل من يوقظ الشخص، فإن قصر في الأخذ بالأسباب، ففاتته الصلاة كان آثما، وقد فصلنا القول في هذه المسألة في الفتوى: 119406.
أما إذا كنتَ قد تعمّدت تفويت صلاة الجمعة بالنوم بعد دخول وقتها، فإنك تأثم بذلك، ولو كنت تجهل العقوبة المترتبة على فعلك هذا، فإن الجهل بما يترتب على الحكم، أي الجهل بالعقوبة لا أثر له، ولذا أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- الحد على ماعز، مع أنه كان جاهلا بأن عقوبة الزاني المحصن هي الرجم.
جاء في زاد المعاد لابن القيم تعليقا على قصة ماعز: وفيه: أن الجهل بالعقوبة لا يسقط الحد، إذا كان عالما بالتحريم، فإن ماعزا لم يعلم أن عقوبته القتل، ولم يسقط هذا الجهل الحد عنه. اهـ.
فعليك أن تتوب إلى الله -تعالى-، وتواظب على الجمعة، وأن لا تتكاسل في حضورها، ولو مرة واحدة.
والله أعلم.