الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب أحكام أهل الذمة أنه إذا تحقق أن الكافر قال: السام عليكم أو شك فيما قال، فإنه يرد عليه بعليكم فقط.
وأما إذا تحقق أنه قال: السلام عليكم فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال: [وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا] النساء: 86. فندب إلى الفضل وأوجب العدل.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم النووي إلى أنهم لا يزداون على "وعليكم" وحجته عموم الأحاديث الآمرة بالرد عليهم بذلك، مثل حديث الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم.
وقد نقل ابن حجر في الفتح عن بعض الشافعية أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم: "عليكم السلام" كما يرد على المسلم، ولكن لا يذكر فيه الرحمة، واحتج بقوله تعالى: [فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ] (الزخرف: 89).
ونقل عن ابن عباس وعلقمة أنه يجوز ذلك عند الضرورة، ويدل لرجحان التفصيل الذي ذكره ابن القيم أن بعض روايات الصحيحين قرنت الاقتصار على "عليك" بتحريف اليهود للفظ السلام، وذلك في رواية ابن عمر:إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليك، فقل وعليك.
وراجع الفتوى رقم: 6067.
والله أعلم.