الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في التوبة مما أقدمت عليه من العمل في سقاية الخمر، فقد ورد لعن ساقيه، ففي الحديث الذي رواه أبو داود، والحاكم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها.
والمال المكتسب من العمل في ذلك يعتبر كسبا خبيثا محرما، والكسب الخبيث يتخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين، ولا يصح أن تترك للمكتب ذلك المبلغ الذي أخذه منك بغير حق، فتعتبره تخلصا من المال المحرم.
وليس لك أنت أيضا أن تنتفع بذلك المال المكتسب من المحرم، فتدرأ به عن مالك، ولا أن تنتفع به في غير ذلك من حوائجك، إلا أن تكون فقيرا محتاجا، فلك أن تأخذ منه قدر حاجتك، وما بقي تتخلص منه وفق ما سبق.
قال النووي في المجموع: وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله، إن كان فقيراً؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
وعلى هذا، فلك مطالبة المكتب بما أخذ من مالك بغير حق، ولو بمقاضاته عند الجهات المختصة لاستخلاص الحق منه.
والله أعلم.