الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشقة مستأجرة من الدولة، أو من الأوقاف التي تديرها الدولة، فلا ندري ما هي علاقة هذا التاجر بالشقة؟! وما هو سبب دفعه للخلو إذا لم يكن هو مالك الشقة؟
وعلى أية حال، فالذي يمكننا الإفادة به هو الإشارة العامة إلى أن عقد الإيجار القديم القائم على تأبيد الإجارة: عقد باطل شرعا؛ لجهالة المدة، وما كان من العقود خاليا من بيان المدة، وجب فسخه، ورد العين المستأجرة إلى المالك دون اشتراط مقابل، ويدفع المستأجر أجرة المثل خلال مدة استخدامها؛ لأن استيفاء المنفعة بالإجارة الفاسدة سبب لضمان أجرة المثل، وراجع في ذلك الفتويين: 116630، 43972.
فإذا فرضنا أن مالك شقةٍ دفع دون طيب نفس منه، خلواً للمستأجر إجارة مؤبدة؛ ليتمكن من إخلاء شقته، التي يفرض عليه القانون إبقاءها في يد المستأجر، فلا يحل هذا المال للمستأجر، ويجب عليه رده لصاحبه، أو تمكينه من أخذه، وطلب مسامحته، وإلا كان آكلا للمال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}.
وقال رسول الله في خطبته في حجة الوداع في أيام التشريق: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
ومثل هذا المال، لا يحل للورثة، ويجب عليهم إخراجه من التركة قبل القسمة، وتسليمه لصاحبه.
والله أعلم.