الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتصرف الأب المذكور مع أبنائه وعرضه عليهم قطعة الأرض إذا كان على وجه الهبة المنجزة وشهدت بذلك بينة أو عرف فإنه يعتبر هبة، وبما أنها صدرت منه وهو جائز التصرف وحيزت في حياته فقد ملكها من حازها من الأبناء الذين وهبت لهم ولا كلام لغيرهم من الورثة.
أما إذا كان هذا العرض على وجه العارية والانتفاع بقطعة الأرض المذكورة فقط فإنها تعتبر عارية من الأب لأبنائه ولا يختص بها أحد من الورثة دون غيره، وبما أن الآباء جرت عادتهم بالتوسع في مساعدة أبنائهم وفتح الباب لهم في ممتلكاتهم إعانة لهم وإرفاقا بهم فلا يحمل إذنهم لهم بل ولا أمرهم لهم في الانتفاع بأموالهم على الهبة إلا بالتصريح بها، ولذلك نص أهل العلم على أن قول الأب لابنه: ابن هذه العرصة دارا أو اغرس في هذا المكان غرسا أو جنانا لا يعتبر تمليكا له وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضا. قالوا: وإنما لم يعتبر هذا تمليكا لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك.
وعلى هذا فنقول للسائل الكريم: بما أن هذا المسألة يرجع فيها للعرف فنرى أن المرجع فيها إلى المحاكم الشرعية في بلدكم.