الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما سألت عنه له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون هذا الوضع قانونياً أي أن الدولة تتكفل برواتب الخريجين حتى توجد لهم الوظائف المناسبة وتبيح لهم هذه الرواتب وفي هذه الحالة فإن ما ينزل في حسابك كل شهر حلال لك لأنه هبة من الدولة لك فسواء أنفقته على نفسك أو أهلك أو تبرعت به لجهة عامة من مدارس ومساجد، أو تصدقت به على الفقراء أو أعطيته غيرك، فليس في ذلك من بأس، لأنه بعض مالك، ولك أن تفعل به ما تشاء.
والحالة الثانية: أن يكون هذا الوضع غير قانوني أي إن قوانين الدولة لا تسمح بإعطاء الراتب المذكور لمن تحصل على وظيفة أخرى بل هو وضع فيه تحايل على القانون ولو على مستويات عليا بواسطة المسؤولين الكبار وفي هذه الحالة لا يحل لك المرتب الذي تتقاضاه.
الحالة الثالثة: أن تكون قد كلفت بعمل معين ثم تركته للعمل الخاص وفي هذه الحالة لا يحل لك المرتب الذي تتقاضاه أيضاً -ولو كانت اللجنة المحلية على علم بذلك- حتى تقوم بالعمل الذي كلفت به من قبل الدولة، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وبينك وبين الدولة عقد على عمل بموجبه تستحق المرتب، وترك العمل إخلال بالعقد وخيانة للأمانة التي أمر الله أن تؤدى بقوله سبحانه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، وهو أيضا أكل للمال بالباطل، والله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [البقرة:188].
فالواجب عليك القيام بعملك حتى تبرأ ذمتك ويطيب كسبك، فإن كنت غير قادر على القيام بالعمل أو قادراً ولكنك لا تريد القيام بالعمل فلتستقل منه أو لتطلب إجازة بدون مرتب حتى تتضح الرؤية كما ذكرت في سؤالك.
وفي حالة عدم جواز الأخذ فما أخذته من أموال عليك بإرجاعه إلى بيت مال الدولة إذا كان القائمون عليه يعدلون فيه، وإلا لم يجز إرجاعه إليهم، بل يصرف في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فتصدق به على فقير أو فقراء ولو كانوا من أقاربك بشرط أن يكونوا ممن لا تجب عليك نفقتهم، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه، بل ينبغي أن يحكم رجل من أهل البلد دين عالم، فإن عجزت عن ذلك توليت الأمر بنفسك فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة.
والله أعلم.