الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نوصيك بمواصلة التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة فإن الذنوب هي أخطر المشاكل، وهي أعظم أسباب الداء، فإذا تاب العبد حقق لله له الفلاح؛ كما قال تعالى: [وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] (النور: 31)
ونوصيك بعدم اليأس من رحمة الله واستجابة الدعاء.
ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل.
ولا حرج عليك في مواصلة البحث عن الشفاء، فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل معه شفاء علمه من علمه وجهله من جهله، ففي الحديث: تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني والأرناؤوط.
ونوصيك بالذهاب إلى مكة للعمرة وأكثر من شراب زمزم واقرأ عليه قبل الشرب فاتحة الكتاب، فإن فيهما نفعا عظيما مجربا؛ كما ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد.
واستعمل الحبة السوداء والعسل ففيهما شفاء من الأمراض؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 34521.
وعليك بالاكثار من الصدقات على المحتاجين وتفطير الصائمين لعل دعوات صالحة منهم تفيدك بإذن الله.
وقد ذكر البيهقي في شعب الإيمان أن عبد الله بن المبارك رحمه الله سأله رجل يا أبا عبد الرحمن قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين وقد عالجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع به، فقال: اذهب فانظر موضعا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرا، فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ.
قال: البيهقي: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله -رحمه الله- فإنه قرح وجهه وعالجه بأنواع المعالجة فلم يذهب وبقي فيه قريبا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة فدعا له و أكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس بأنها عادت إلى بيتها واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله فأمر بسقاية الماء فيها وطرح الجمد في الماء، وأخذ الناس في الماء فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه إلى أحسن ماكان وعاش بعد ذلك سنين.
وراجع في الدعاء الفتاوى التالية أرقامها: