الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائلة الكريمة بقولها: اكتشفنا أن الأرض أملاك للدولة، تقصد أن أباهم قد أحياها دون إذن من السلطان أي حاكم البلد، فإذا كان هذا هو مرادها، فإن استئذان الإمام في إحياء الموات أمر مختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن إحياء الموات لا يفتقر إلى إذن الإمام، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة يفتقر إلى إذنه.. . وفرق المالكية بين الأرض التي تقرب من العمران وبين البعيدة عن العمران.
قال الباجي في المنتقى: وأما التي تقرب من العمران فلا يحييها أحد إلا بإذن الإمام، رواه سحنون عن مالك، وابن القاسم عن أشهب، خلافا للشافعي في قوله: يحييها من شاء بغير إذن الإمام... .
والذي نراه راجحا في المسألة أن استئذان الإمام في الإحياء لا يلزم
لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضا ميتة فهي له. أخرجه البخاري تعليقا. ووصله إسحاق بن راهويه بلفظ: من أحيا أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له. ويستثنى من هذا العموم ما إذا كان السكان يتضررون بالإحياء فإنه حينئذ لا يجوز، لما أخرجه ابن ماجه وأحمد ومالك من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار.
وعليه؛ فلا حرج عليكم ولا على أبيكم في تملك هذه الأرض، طالما أن تملكها لا يجلب أضراراً لأي أحد.
وإذا كان الذي تقصد ينه غير ما أجبنا عنه، فبيني مرادك عسى أن نجد لك جوابا.
ثم اعلمي أن الرؤى لا تنبني عليها أحكام شرعية، وكنا قد بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجعي فيه الفتوى رقم: 11052.