الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أنه لا يجوز العمل بالطريقة المذكورة في السؤال؛ لوجود هذه الاشتراكات، فإن كون الاشتراك مستردًا ومضمونا عند المنصة، يجعله في حكم القرض، والقرض لا يجوز الجمع بينه وبين أي عقد من عقود المعاوضات، كالبيع والإجارة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع. رواه أحمد، والأربعة.
وعلة ذلك أنه ذريعة إلى الربا، ويؤول إليه؛ لأن هذا القرض يجر نفعا على مقرضه، وهو أجرة العمل مع المقترض (المنصة).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (القواعد النورانية الفقهية): نهى صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع بين سلف وبيع ... وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة، مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة والمبايعة، وغير ذلك هي مثل القرض، فجماع معنى الحديث أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة لا تبرعا مطلقا، فيصير جزءا من العوض. اهـ.
وقال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود: جمع صلى الله عليه وسلم السلف والبيع مع الشرطين في البيع، ومع البيعتين في البيعة. وسر ذلك أن كلا الأمرين يؤول إلى الربا، وهو ذريعة إليه. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتويين: 148905، 110313.
ثم إن فكرة وضع التأمين عند المستأجر لخصم قيمة الأجرة منه، عند عدم القيام بالعمل المنوط بالأجير، لا نعرف لها أصلا شرعيا إلا أن تكون على سبيل الشرط الجزائي، وعندئذ يجب أن يعتمد تقديره على قيمة الضرر الواقعي على الطرف المتضرر، وعدم وجود عذر للطرف الآخر.
وراجع في ذلك الفتويين: 146403، 370252.
ثم إن العمل ذاته -وهو مشاهدة مقاطع اليوتيوب والاشتراك في قنواتها ووضع الإعجابات عليها- يختلف حكمه بحسب حال السائل، ونوع المقاطع.
وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 476395.
والله أعلم.