الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل أن يرزقك الاستقامة التامة على شرعه، وأن يَمُنَّ عليك بالطمأنينة، والفقه في الدين، وأن يوفقك لكل خير، ولا بدّ أن ننبهك على عدة أمور:
1ـ التأكيد على حق الوالدين، وأهمية مراعاة ذلك الحق، وخصوصاً الأم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}.
وفي الصحيحين أن: رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
هذا حق ثابت للأم لا يسقطه أو ينقصه سوء خُلُقِها، أو فسقها، بل ولا حتى شركها وكفرها بالله تعالى.
قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
2ـ إن كانت أمك تؤذيك كما ذكرتِ؛ فهي آثمة، فالأصل حرمة إيذاء المسلم والمسلمة بغير وجه شرعي.
لكن هذا لا يبيح تعمّد رفع الصوت عليها، ولا النظر إليها بازدراء، أو تهديد؛ فإن هذا من العقوق. وهو محرم بلا شك.
وقد ذكرنا في الفتوى: 73463، ضابط عقوق الوالدين، وهو أن يحصل من الشخص اتجاه أبويه أو أحدهما إيذاء متعمد، تعارف الناس على أنه عقوق.
3ـ ما تجدينه في قلبك من كراهية تجاه أمك بسبب أذيتها لك؛ لا تأثمين عليه إذا لم يصدر منك تعمد ما يؤذيها، فإن كراهة القلب لا مؤاخذة عليها، كما تقدم في الفتوى: 334819.
4ـ نصيحتنا لك أن تجتهدي في برّ أمّك، والإحسان إليها قدر طاقتك، وأن تصبري على أذاها، وتتجاوزي عن إساءتها إليك، وأن تحتسبي أجر ذلك عند الله تعالى.
وأبشري خيراً بعظيم الأجر، وجزيل الثواب؛ فإنّ بر الأمّ من أفضل الأعمال التي يحبها الله. والصبر على ذلك من أعظم أسباب رضوان الله، ونيل معيته وتوفيقه.
5ـ ننصحك بالبحث عن بعض النساء الصالحات؛ فاصحبيهن، فإن ذلك من أسباب الاستقامة.
مع الاجتهاد في التفقه في الدين، والاستماع إلى المواد المشتملة على الوعظ، والأحكام الشرعية، والبعد عن مواطن الفتن، والمنكرات.
والله أعلم.