الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائل الخصومات والمنازعات؛ لا تفيد فيها الفتوى، والذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي، أو من يرتضيه أطراف النزاع للحكم بينهم ممن يصلح لذلك من أهل الخبرة، فيسمع منهم ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهم.
والذي بوسعنا أن نفيدك به على سبيل العموم؛ أنّ الهبة من حيث الأصل إذا قُبضت ملكها الموهوب، ولا يحقّ للواهب -غير الوالد- الرجوع في هبته؛ ففي صحيح البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته، ولا لمهد أن يرجع في هديته، وإن لم يثب عليها، يعني وإن لم يعوض عنها. انتهى.
لكن إذا كان الرجل لم يهب الأرض للمخطوبة هبة محضة، ولكن وهبها لها على أن تكون زوجة له -كما هو الظاهر والله أعلم- فالراجح عندنا في هذه الحال أنّ له الرجوع والمطالبة بها.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: وقال الشيخ تقي الدين، رحمه الله، أيضًا: ما قبض بسبب النكاح فكمهر. وقال أيضًا: ما كتب فيه المهر لا يخرج منها بطلاقها. وقال في «القاعدة الخمسين بعد المائة»: حكى الأثرم، عن الإمام أحمد، رحمه الله، في المولى يتزوج العربية، يفرق بينهما؛ فإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها، يردوه، وإن كان أهدى هدية، يردونها عليه. قال القاضي في «الجامع»: لأن في هذه الحال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد، فإذا زال، ملك الرجوع، كالهبة بشرط الثواب. انتهى. وتنظر الفتوى: 122345.
وعلى كل حال؛ فهذا الموضوع الأولى به القضاء، فننصح برفعه له.
والله أعلم.