لزوم عقد الاستصناع للطرفين عند توفر الشروط المتفق عليها

15-1-2025 | إسلام ويب

السؤال:
أنا أعمل في تفصيل ملابس الأطباء، منها الأبيض والملون. يتم الاتفاق بيني وبين الزبون على وصف الملبوس وصفًا تامًا، بحيث أبيّن نوع القماش، ولونه، وطول الأكمام، وحتى عدد الجيوب وأماكنها. كما أتفق على السعر وأحدد الأجل. أحيانًا، بعد الانتهاء من التصنيع وعند موعد الاستلام، يغير الزبون رأيه، ويطلب لونًا مختلفًا، أو يضيف طلبات لم تكن موجودة في الاتفاق، أو حتى يقول: إنه لم يعد يرغب في الاستلام. فهل يحق للزبون عدم الاستلام بعد التصنيع؟ وهل يحق له تغيير الطلبات -مثل اللون، ونوع القماش، وشكل ومقاسات الملبوس-؟ لأني في العادة أرفض إعادة أي شيء أنهيته.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه المعاملة الواردة في السؤال -وهي عقد وارد على العمل والعين في الذمة- داخلة في عقد الاستصناع، وهو عقد لازم إذا توفرت فيه الشروط والأركان.

وبهذا صدر القرار رقم: (65)، لمجمع الفقه الإسلامي، المتعلق بشأن عقد الاستصناع، أنه: عقد ملزم للطرفين، إذا توافرت فيه الأركان والشروط. اهـ. 

وقد سبق قرارَ المجمع في الحكم باللزوم «مجلةُ الأحكام العدلية» فجاء فيها في المادة (392): إذا انعقد ‌الاستصناع، ‌فليس ‌لأحد ‌العاقدين الرجوع، وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة، كان المستصنع مخيرًا. اهـ.

وأصل ذلك هو ما ذهب إليه أبو يوسف من أنه: لا ‌خيار ‌لواحد ‌منهما، بل يجبر الصانع على العمل، ويجبر المصنوع على القبول.

قال ابن مازه في كتابه المحيط البرهاني: وجه ما وري عن أبي يوسف: أنه يجبر كل واحد منهما، أما الصانع فلأنه ضمن العمل فيجبر عليه، وأما ‌المستصنع فلأنه لو لم يجبر على القبول يتضرر به الصانع؛ لأنه عسى لا يشتريه غيره منه أصلاً، أو لا يشتري بذلك القدر من الثمن، فيجبر على القبول دفعاً للضرر عن البائع. اهـ.

فالحكم باللزوم، إنما هو من باب الاستحسان، دفعًا للضرر عن المتعاقدين، وقد نُشِرَ في العدد السابع من (مجلة مجمع الفقه الإسلامي) أحد عشر بحثًا في عقد الاستصناع، فيها ترجيح اللزوم الذي صدر به قرار المجمع.

وعلى ذلك؛ فلا حق للمستصنع (العميل) في الرجوع عن طلبه، أو تعديل شروطه بعد شروع الصانع (السائل) في العمل، فضلاً عن إتمامه، ويحق للصانع إلزام العميل باستلام طلبه، ورفض إعادته بعد إنهائه. وانظر للفائدة الفتوى: 11224

والله أعلم.

www.islamweb.net