الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على كلام للعلماء المتقدمين في ثقب السرّة أو الشفتين لوضع الحلي، لكن قد أجاز جمهور العلماء ثقب أذن الأنثى، لما جرت به عادة نساء المسلمين منذ زمن النبوة، بالتزين بالقرط في الأذن، وهذا ما عليه معتمد المذاهب الأربعة، خلافًا لبعض العلماء الذين منعوا ذلك، لما فيه من تعذيب، واعتداء على الجسد.
جاء في البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: يجوز ثقب أذن البنات الأطفال؛ لأن فيه منفعة للزينة، وكان يُفعل ذلك من وقته صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير. اهـ.
وفي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: ويكره ثقب أذن صبي لا جارية نصًا، لحاجتها للتزين، بخلافه. اهـ.
ثم تكلم الفقهاء بعد ذلك في حكم ثقب أنف الأنثى للتزين بالزمام ونحوه، وهل يلحق بحكم ثقب الأذن أم لا؟ فمنعه بعضهم، لأن العرف لم يجر به كما جرى في التزين بالأقراط في الآذان، وأجازه آخرون متى كانت العادة جارية بالتزين في الأنف، قياسًا على جواز ثقب الأذن.
جاء في حاشية الشبراملسي: وأما ثقب المنخر، فلا يجوز أخذًا من اقتصاره على الآذان، وهو ظاهر، حيث لم تجر عادة أهل ناحية به، وعدهم له زينة، وإلا، فهو كتثقيب الآذان، ثم رأيت في شرح ابن حجر: ويظهر في خرق الأنف بحلقة تعمل فيه من فضة، أو ذهب، أنه حرام مطلقًا؛ لأنه لا زينة في ذلك يغتفر لأجلها، إلا عند فرقة قليلة، ولا عبرة بها مع العرف العام، بخلاف ما في الآذان، فإنه زينة للنساء في كل محل. اهـ.
وفي حاشية ابن عابدين: قلت: إن كان مما يتزين النساء به كما هو في بعض البلاد، فهو فيها كثقب القرط. اهـ.
ولا يظهر فرق مؤثر بين ثقب الأنف، وثقب السرّة، أو الشفتين.
وعليه؛ فإذا كان ثقب السرّة، أو الشفتين، قد جرت عادة النساء بالتزين به، ولم يترتب عليه ضرر، ولا تعذيب، ولم يكن خاصًا بغير المسلمات؛ فهو جائز، وإلا، فهو ممنوع.
والله أعلم.