الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانتفاع الراهن بالعين المرهونة بالسكنى، ونحوها؛ محل خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام، ولا سكنى، ولا غير ذلك.
ولا يملك التصرّف فيه بإجارة، ولا إعارة، ولا غيرهما، بغير رضى المرتهن؛ وبهذا قال الثوري، وأصحاب الرأي.
وقال مالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وابن المنذر: للراهن إجارته، وإعارته مدة لا يتأخّر انقضاؤها عن حلول الدَّين.
وهل له أن يسكن بنفسه؟ على اختلاف بينهم فيه. انتهى.
وما دامت المسألة قد رفعت إلى المحاكم؛ فالعبرة بحكم الحاكم بجواز السكنى أو عدمها؛ لأنّ حكمه في المسائل الخلافية يرفع الخلاف، جاء في ترتيب الفروق واختصارها: وقد قرّرنا في القاعدة قبل هذه: أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في مسائل الاجتهاد. انتهى.
وقال الكاساني -رحمه الله- في بدائع الصنائع: وكذلك المقلّد، إذا أفتاه إنسان في حادثة، ثم رُفعتْ إلى القاضي، فقضى بخلاف رأي المفتي؛ فإنه يأخذ بقضاء القاضي، ويترك رأي المفتي؛ لأن رأي المفتي يصير متروكًا بقضاء القاضي. انتهى.
والله أعلم.