الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في إعطاء الهاشمي العامل على الزكاة عمالته من مال الزكاة نفسه.
جاء في الموسوعة الفقهية في ذكر شروط الجابي وكونه من غير آل البيت: يجوز اتفاقًا عند الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، استعمال ذوي القربى على الصدقات إن دفعت إليهم أجرتهم من غير الزكاة.
أما إن كان ما يأخذونه على عملهم من الزكاة، فقد اختلف الفقهاء، فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وهو المذهب عند الشافعية إلى عدم جواز إعطائهم عن العمل منها، تنزيهًا لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم عن شبهة أخذ الصدقة؛ لأن الفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة، سألا النبي صلى الله عليه وسلم العمالة على الصدقات، فقال: إن الصدقة لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد، وهو نص في التحريم، لا تجوز مخالفته. وجوّز بعض الشافعية في وجه كون العامل من ذوي القربى، وأن يعطى على عمله من سهم الزكاة؛ لأن ما يأخذه العامل على سبيل العوض عن عمله. اهـ.
وسواء سمي المقابل راتبًا، أو مكافأة، فهو عوض عن العمل، فصرفه من مال الزكاة المفروضة، فيه الخلاف المتقدم.
وأما صدقة التطوع، فللفقهاء في هذه المسألة ثلاثة اتجاهات -كما جاء في الموسوعة الفقهية-:
الأول: الجواز مطلقًا، وهو قول عند الحنفية، والشافعية، ورواية عن أحمد؛ لأنها ليست من أوساخ الناس، تشبيها لها بالوضوء على الوضوء.
الثاني: المنع مطلقًا، وهو قول عند الحنفية، والشافعية، ورواية عن أحمد أيضًا، وهي الأظهر عند الحنابلة؛ لأن النصوص الواردة في النهي عن أخذ آل البيت من الصدقة عامة، فتشمل المفروضة، والنافلة.
الثالث: الجواز مع الكراهة، وهو مذهب المالكية، جمعًا بين الأدلة. اهـ.
واستظهر ابن قدامة في المغني الجواز، فقال: يجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع. قال أحمد، في رواية ابن القاسم: إنما لا يعطون من الصدقة المفروضة، فأما التطوع، فلا. وعن أحمد رواية أخرى: أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضًا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إنّا لا تحل لنا الصدقة، والأول أظهر. اهـ.
وعلى القول بالمنع، فلا نرى أنه يلزمه شيء في الأموال السابقة إن أخذها للحاجة إليها، وذلك مراعاة للخلاف.
وأما العمل كمتطوع في مثل هذه الجمعية؛ فلا إشكال فيه، فإن الكلام منحصر في أخذ أجرة، أو عمالة على عمله.
والله أعلم.